هذا ثمنك في فيسبوك

مؤسس الفيس بوك مارك زوكربيرغ

فيسبوك هي شبكة تواصل اجتماعي، لكن ما لا يخطر على بال غالبية الناس رغم وضوحه هو أن شركة فيسبوك لها نشاط اقتصادي مختلف تماما وموجود منذ مدة طويلة جدا، وهو أنها من أكبر شركات الدعاية والإعلان في العالم.

يقوم شهرياً 2.7 مليار مستخدم باستعمال موقع وتطبيقات فيسبوك وفقا لآخر إحصائيات الموقع في يونيو 2020، وهذا رقم ضخم للغاية يقترب من ثلث سكان كوكب الأرض، وبزيادة تقدر ب400 مليون مستخدم عن 2019.

ما هي قيمتك كمستخدم لدى فيسبوك؟

يمكننا الإجابة على ذلك السؤال بالنظر إلى عوائد فيسبوك في العام الواحد، إذ حققت الشركة عائداً يقدر بـ70.7 مليار دولار أميركي في عام 2019.

وإذا قمنا بتقسيم المبلغ على عدد المستخدمين في ذلك العام وهو 2.4 مليار مستخدم، يصبح "العائد من المستخدم الواحد" (29.25 ) دولاراً أميركياً، وبزيادة تقدر بخمسة دولارات عن العام السابق.

لكن كيف تزيد أرباح فيسبوك من المستخدم الواحد عاما بعد عام، بينما يظل المستخدم يستعمل فيسبوك بنفس الطريقة تقريبا دون تغيير يذكر؟

قد يعلم الكثيرون أن المصدر الأساسي لأرباح فيسبوك هو الإعلانات، ولكن الإجابة عن كيفية زيادة الأرباح من المستخدم الواحد تتكون من جزئين:

الجزء الأول هو أن شبكة فيسبوك تكسب المزيد من المعلنين؛ إذ تنضم المزيد من الشركات يوميا إلى منصة فيسبوك للدعاية Facebook Marketing Platform، وهي المنظومة التي يقوم من خلالها هؤلاء المعلنون بالتباري على المساحة الإعلانية المحدودة التي تعرضها فيسبوك للمستخدم الواحد من خلال نظام للمزايدات يقوم بشكل آني "Real Time"، بتحديد أي إعلان سيتم عرضه للمستخدم في ذات اللحظة التي يتم فيها تحميل الصفحة.

ولكن يكفي أن نعلم أنه كلما زاد عدد المعلنين الراغبين في أن ترى أنت شخصيا إعلاناتهم، صار شرف رؤيتك لذلك الإعلان أغلى ثمناً لديهم.

الجزء الثاني هو طبيعة وجودة المعلومات التي تجمعها فيسبوك عن المستخدمين كي تقوم باستعمالها لتعرض إعلانات أكثر لفتاً للانتباه وأكثر قابلية للاستجابة من قبل المستخدمين، وبالتالي يمكن جني أموال أكثر من الإعلان الواحد.

على سبيل المثال، إذا كانت خوارزميات فيسبوك تثق بنسبة 50% بأنك من المهتمين بألعاب الفيديو، فقد تعرض عليك بضعة إعلانات لألعاب مختلفة قبل أن تقرر أنك غير مهتم بها في حالة عدم استجابتك، وتصبح هذه المساحة الإعلانية مهدرة لأنها لا فائدة منها، بينما إذا ارتفعت تلك الثقة إلى 95% مثلا ستستمر في عرض تلك الإعلانات عليك لعلمها أنك ستقوم بالاستجابة آجلاً أو عاجلاً.

هل نحن سلع؟

لم يعد غريباً بعد انتشار العشرات من وسائل التواصل الاجتماعي أن يردد الناس جملة "إذا كانت الخدمة مجانية، إذا فالسلعة هي أنت" وهي صحيحة إلى حد كبير في أي خدمة تعتمد بشكل رئيسي على الإعلانات.

لكن أصبحت قدرة تلك المؤسسات الإعلانية الضخمة تثير ريبة الكثير من الناس حول طبيعة المعلومات التي يتم جمعها، فهل هي تتضمن مثلا السماح بتسجيل محادثات الأفراد الشخصية من خلال هواتفهم كما شاع الظن؟

هل تقوم باستخدام نصوص المحادثات الشخصية مع المستخدمين الآخرين؟

وهل تتعقب كيفية استعمالنا لجهاز الكمبيوتر أو الهاتف للقيام بمهام أخرى؟

هذه المعلومات ليست في الحقيقة سراً غريباً، فأغلبها مذكور في شروط الاستخدام التي يقوم الجميع بالموافقة عليها لاستعمال الخدمة، لكن قد يكون من الصعب على غير المتخصصين أن يدركوا حقيقة ما هي البيانات التي يتم جمعها عليه، وطبيعة وأهمية المعلومة التي من الممكن جمعها من تلك البيانات .

وفي الحقيقة قد لا تختلف البيانات التي كان فيسبوك يجمعها منذ بضعة سنوات كثيرا عن البيانات التي يجمعها الآن من المستخدمين، ولكن المعلومات التي يتم استخراجها من تلك البيانات تتطور بالتأكيد.

كمثال على الفارق بين البيان والمعلومة: قد تجمع فيسبوك أو غوغل من هاتفك نقطة بيان "Data Point" بأنك توجد في مكان ما من الثامنة مساء للتاسعة والنصف يومي الاثنين والخميس، فإذا جمعنا مع ذلك البيان "بيان" آخر أن هذا الموقع لصالة رياضة الملاكمة ورياضات أخرى كالمصارعة ورفع الأثقال، و"معلومة" بأن 40% من الأشخاص الذين يذهبون لنفس المكان في نفس التوقيت تشير حساباتهم على فيسبوك أنهم مهتمون برياضة الملاكمة تحديدا، صار فيسبوك الآن "يعرف" أنك قد بدأت في ممارسة تلك الرياضة، حتى لو لم تقم بالبحث عنها على الانترنت أو بالحديث مع أي صديق أو زميل بالعمل حول اهتمامك بتلك الرياضة.

قد يكون ذلك المثال متوسطا من حيث درجة التعقيد حيث أنه غير مباشر، لكنه في الواقع يعتمد على معلومات من السهل ربطها ببضعها البعض، بينما هناك العشرات من الأمثلة الأخرى التي قد تبدو أكثر تعقيداً بينما هي في النهاية تأتي من مجموعة بيانات نتيح لأجهزتنا جمعها بشكل روتيني , كما ورد عبر العربية SKY news

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد