مثلت القمة العربية في شرم الشيخ حدثاً مهماً، ومفصلياً. تناولت القمة، جملة قضايا مصيرية، كان أبرزها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأزمة اليمن، وضرورة تشكيل قوة عربية مشتركة، لمواجهة التحديات، وحماية القرار العربي.
ما حدث في اليمن باختصار، هو استغلال البعد المذهبي ـ الطائفي، لتحقيق نفوذ إيراني.
الحوثيون، هم جزء من النسيج الاجتماعي ـ الاقتصادي اليمني، هم مواطنون أصليون في اليمن، ينحدرون من الزيديين، وهم مقاتلون أشداء، لهم دورهم في الحياة السياسية اليمنية، واستقلال اليمن، وإعماره وازدهاره.
بدأ الحوثيون في الاستقواء ومحاولة تمييز أنفسهم عن غيرهم، عندما بدأ سيل الأسلحة ينهمر عليهم من إيران، وبدأت تحركاتهم العسكرية ضد السلطة الشرعية في البلاد، زمن عهد الرئيس عبد الله صالح. ارتبط تحرك الحوثيين العسكري، بمحاولات من النفوذ الإيراني، شرقاً وغرباً، ومحاولتها إحكام سيطرتها على المنافذ الاستراتيجية البحرية، في البحر الأحمر.
امتلك الحوثيون، وهم ميليشيات، أسلحة استراتيجية مهمة، كصواريخ سكود، والطائرات، وأجهزة مراقبة متطورة.
لم يكن في أجندة الحوثيين، أية نية لمفاوضات يمنية ـ يمنية مثمرة، في ظل الشرعية.
وصل الحوثيون إلى درجة شن هجوم شامل على الشرعية ومؤسساتها، بهدف إسقاطها، وبالتالي إقامة السلطة الحوثية، كأداة من أدوات النظام الإيراني.
عند هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، جاء قرار إطلاق عملية عاصفة الحزم، بقيادة المملكة العربية السعودية، وبمشاركة دول عربية عديدة، وبإسناد دول إسلامية أخرى، كباكستان وتركيا.
ما قام به الحوثيون، هو انقلاب، انقلاب على الشرعية اليمنية أولاً، وقبل أي شيء آخر، هو انقلاب على النظام العربي، ومحاولة إلغاء زعامة السعودية ومصر، وإبدال تلك الزعامة، بالزعامة الإيرانية.
من هنا تأتي أهمية عملية «عاصفة الحزم»، التي قالت بالفم الملآن، للحوثيين ومن ورائهم الإيرانيين: لا وألف لا عند هذه النقطة وفقط، تمكن الإيرانيون، ومنذ انهيار الحكم العربي ـ القومي في العراق، وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية، من بسط نفوذها في العراق أولاً، وبأبعاد طائفية واضحة، ومن ثم التمدد في سورية ولبنان، وبعدها في اليمن، عبر محاولات باتت شاخصة للعيان، من بسط النفوذ الإيراني في المشرق العربي، وتقويض الزعامات العربية، وتهديد أمن وسلامة الخليج العربي، وتحويله إلى خليج فارسي.
أهمية القمة العربية، أنها جاءت عبر مرحلة مفصلية تاريخية، لوضع حد للتمدد الإيراني، وتهديداته للأمن والاستقرار العربي.
لعل تشكيل قوة عربية مشتركة، هو سابقة تاريخية، سيترتب عليها الكثير من الأمور، وجميعها تتمحور حول محور واحد، هو الحفاظ على الكيانية العربية، ومقوماتها.
من المستبعد أن يكون هناك تدخل إيراني مباشر، لكنه من غير المستبعد، أن يكون تدخلاً غير مباشر، يرمي إلى تهديد الأمن والاستقرار في السعودية ودول الخليج العربي. الاحتمالات مفتوحة على شتى الاحتمالات، والمعركة مفتوحة، وفي أوجها!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد