شبكة المنظمات الأهلية تصدر ورقة حقائق عن واقع العمال بقطاع غزة وأزمة كورونا

عمال غزة.

أصدرت شبكة المنظمات الأهلية، اليوم الاثنين، ورقة حقائق تناولت واقع العمال في ظل الإجراءات الوقائية الاحترازية التي تم فرضها لمواجهة فيروس كورونا ، وتعطيل المرافق الحيوية وأماكن العمل في قطاع غزة وبالذات على الفئات العاملة في قطاعات التعليم الخاص، السياحة والمطاعم والقطاع غير المنظم.

وفيما يلي نص الورقة حسب ما وصل سوا :

العمال في قطاع غزة وأزمة كورونا

إعداد: مركز الديمقراطية وحقوق العاملين

مقدمة

أضعفت الأزمات المتلاحقة، التي يمر بها قطاع غزة منذ سنوات، البنية الاقتصادية في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي والانقسام السياسي منذ ما يزيد على 13 عاما الأمر الذي أدى إلى توقف آلاف المنشآت الاقتصادية وابقاء عشرات الآلاف من العمال بدون عمل.

فمنذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000م فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارا شاملا على قطاع غزة طال كافة القطاعات، وأغلقت المعابر التجارية، ومنعت ما يقارب من 100,000 عامل فلسطيني من التوجه إلى أعمالهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة 48، مما أفقد الدخل القومي الفلسطيني مصدراً مهماً على مدار سنوات المنع والحصار، ناهيك عما ترتب على حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي عام 2007م، حيث شهد قطاع غزة، خلال السنوات الماضية، انهيارا اقتصاديا غير مسبوق ألقى بظلاله وانعكاساته السلبية على القطاع الخاص والعاملين فيه. ووفق الإحصاء الفلسطيني كان معدل البطالة في قطاع غزة خلال 2019 (45%)[1] بواقع 215,000 عاطل عن العمل. كما شهد العام نفسه ارتفاعا في نسبة العاملين بأجر في القطاع الخاص الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر لتصل النسبة 80%، حيث بلغ معدل أجورهم الشهرية 674[2] شيقل فقط أي أقل من نصف الحد الأدنى للأجر.

ومع ظهور فيروس كورونا المستجد في العالم سيطرت حالة من الشلل شبه التام على قطاع غزة في ضوء الإجراءات الوقائية الاحترازية التي تم فرضها لمواجهة الفيروس، تعطلت الكثير من المرافق والمراكز وأماكن العمل، مما أثر سلباً على شرائح متعددة وفي مقدمتهم العمال ذوي الدخل اليومي. وقامت وزارة العمل بتسجيل العاملين المتضررين من خلال صفحة الوزارة، حيث بلغ عدد العمال المسجلين 130,000[3] وذلك جراء الإجراءات المتبعة وإغلاق المئات من مواقع العمل، وأصبح هؤلاء العمال هم الفئة الأكثر تضررا بسبب تسريحهم من العمل أو تقليص عدد ساعات أو أيام العمل أو خفض أجورهم.

القطاعات الأكثر تضررا

يُعتبر أصحاب الدخل اليومي هم الأكثر تضررا من الأزمة الحالية، حيث توقفت أعمالهم دون أن يكون لهم أي حقوق أو ضمانات اجتماعية، أو حتى أجور منتظمة كغيرهم من العاملين في القطاع الحكومي. كما تضرر قطاع النقل والمواصلات وقطاع المطاعم والفنادق وقطاع التعليم الخاص من رياض الأطفال ودور الحضانة والمدارس الخاصة وأصحاب المشاريع الصغيرة ومؤسسات المجتمع المدني والتجار والعمال وأصحاب البسطات.

· قطاع التعليم الخاص وعاملات رياض الاطفال ودور الحضانة:

يعاني هذا القطاع الذي يضم آلاف العمال من النساء والرجال وضعا اقتصاديا سيئا قبل حالة الطوارئ يتمثل في تدني الأجور وعدم تطبيق قانون الحد الادنى للأجور. ويضم هذا القطاع العديد من رياض الأطفال بعضها مرخص من وزارة التربية والتعليم، ومنها العشرات غير مسجل، ولا يوجد فرق بين هذا وذاك من ناحية الواقع الاقتصادي في ظل ضعف منظومة الرقابة وعدم محاسبة أصحاب العمل المستغلين لهذه الفئة، التي أصبحت اليوم خارج المنظومة الاجتماعية والاقتصادية، وغير قادرة على تحمل التزاماتها وتوفير احتياجات أٌسرها، حيث انعكست أزمة وباء الكورونا بشكل سلبي على واقعهم الاقتصادي والاجتماعي وعلى أسرهم، حيث أنهم لا يمتلكون أي مصادر أخرى، ولا توجد أية جهة تتبنى قضيتهم.

فحسب احصائيات وزارة التربية والتعليم بقطاع غزة للعام 2019م فقد بلغ عدد رياض الأطفال المرخصة (696 روضة وحضانة)، وأن عدد العاملين/ات فيها (2815) بالإضافة إلى (61 مدرسة خاصة) بلغ عدد العاملين/ات فيها (1723)، وأن عدد العاملات المسجلات بشكل رسمي في وزارة العمل حوالي (2800) عاملة، ناهيك عن أن هناك آلاف من العاملات يعملن برياض أطفال غير مرخصة وغير مسجلات في وزارة العمل، وتبلغ نسبة رياض الأطفال غير المرخصة 60% تقريبا ًمن اجمالي رياض الأطفال العاملة في قطاع غزة.

· المنشآت السياحية والفندقية في قطاع غزة: ­

على صعيد المنشآت السياحية والفندقية في القطاع، فقد شملها قرار حالة الطوارئ بإغلاقها بشكل كامل حتى إشعار آخر، باعتبارها أماكن مكتظة بالمواطنين، مما أدى إلى وقوع خسائر مالية لمالكيها وتسريح العاملين فيها، حيث بلغ عدد العاملين المسجلين لدى هيئة المطاعم والسياحة في قطاع غزة حوالي (5000) آلاف عامل وعاملة يتبعون لـ(265) منشأة من أصل (500) منشأة، وعدد (235) منشأة لم يقم أصحابها بتسجيل العاملين فيها ويعود ذلك لتخوف العاملين من فقدان المساعدات لاحقاً أو بسبب أن هذه المنشآت غير مسجلة أصلاً لدى وزارة العمل ووزارة السياحة.

· العاملين بعقود عمل مؤقته في المنظمات الأهلية وأصحاب المشاريع الصغيرة والفردية ضمن مشاريع ممولة خارجياً أو قروض

أدى إعلان حالة الطوارئ أدى الى توقف العديد من المشاريع التشغيلية والتي يستفيد منها آلاف الخريجين/ات العاطلين عن العمل، كما أن هناك مشاريع أخرى كانت تقوم بتنفيذها المنظمات الأهلية توقفت هي الأخرى مما أثر بشكل سلبي على المئات من الموظفين وعلى تغطية رواتبهم في هذه المؤسسات.

· العمال في القطاع غير المنظم

أدت الجائحة إلى انقطاع الحركة العامة في الشوارع وبالتالي الحركة التجارية وحركة المواصلات بشكل كبير. فلم يستطع سائقو سيارات الأجرة وأصحاب البسطات والبائعون في الشوارع أو الأسواق الشعبية توفير أي دخل بسبب إغلاق المدارس والجامعات والأسواق في ظل غياب بدائل العمل الأخرى. وبمتابعة بعض السائقين أفادوا بأنهم سلموا السيارات لمالكيها وجلسوا في منازلهم بسبب عدم قدرتهم على تأمين أي دخل أو الوفاء بالتزاماتهم تجاه الغير. وطبقا لبيانات مركز الإحصاء الفلسطيني فإن نسبة العاملين كعمالة غير منظمة في فلسطين (بمعنى العاملين في القطاع غير المنظم بالإضافة إلى المستخدمين بأجر الذين لا يحصلون على أي من الحقوق في سوق العمل سواء مكافأة نهاية الخدمة/تقاعد، أو إجازة سنوية مدفوعة الأجر، أو إجازة مرضية مدفوعة الأجر) قد بلغت حوالي 57% من مجمل العاملين في فلسطين منهم 61% من الذكور و38% من الإناث، وبواقع 59% في الضفة الغربية و51% في قطاع غزة.[4]

تدخلات الجهات الحكومية والغير حكومية:

لقد اعتمدت وزارة العمل رابطاً تم الاعلان عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكافة صفحات الأخبار يطلب من العمال الذين تضرروا بفعل إجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا وفقدوا فرص عملهم أن يقوموا بتسجيل بياناتهم لكي يتم تعويضهم من خلال الحكومة. إن تعويض العمال ومساعدتهم يتطلب وجود خطط فعلية حكومية فاعلة، وعلى الرغم أنه جرى توقيع اتفاق بين وزارة العمل في الضفة الغربية واتحاد نقابات عمال فلسطين بشهر نيسان (أبريل) 2020 لتعويض العمال المتضررين إلى أنه لم يعلن عن تفاصيل وكيفية تقديم المساعدات وخاصة في قطاع غزة.

مدى ملاءمة المعايير للاستفادة من المساعدات:

وضعت وزارتا العمل والتنمية الاجتماعية معايير التفضيل للوصول إلى العمال الأكثر تضرراً، بناء على أهمية القطاع المتضرر، وحجم الضرر، والحالة الاجتماعية، وعدد المعالين، حيث اعتبرت هذه المعايير مجحفة بحق هذه الفئات المنهكة أصلاً وإجبار العاملين على التسجيل ببرنامج محوسب لحاجتهم إلى المساعدة العاجلة وآخرين لم يسجلوا لعدم استيفائهم للمعايير المطلوبة حيث أنهم غير متزوجين ولكنهم يعيلون أسرهم وبالتالي فهم يرون أنهم متضررين كباقي العمال وأصحاب الدخل اليومي والعاملين في المحال التجارية البسيطة، ناهيك عن أصحاب السلع المصدرة التي توقفت عن الحركة للخارج كالورود والفراولة وبعض الخضروات، في ظل عدم وجود تعويضات لهم.

ويرون أيضاً أنه يجب على كل وزارة تحديد ووضع المعايير المختصة بمجال عملها ومسؤولياتها تجاه الغير وبشكل سريع، حيث أن الأزمة عامة على كل القطاعات الإنتاجية، كما أن الجهات الحكومية المذكورة لم تلتزم بمبادئ الشفافية ولم تفصح عن حجم المساعدات التي وصلت لها ومن هي الفئات التي ستستفيد منها وكيفية اختيار هذه الجهات المستفيدة، كما أن درجة التنسيق بين المؤسسات الأهلية الإغاثية والجهات الحكومية ذات العلاقة غير متوازنة مع عدم وجود قاعدة بيانات مشتركة تساهم في عملية التعويض بشكل حقيقي وفوري.

التوصيات:

تطوير قاعدة بيانات للعاملين في القطاع الخاص بكافة الشرائح والقطاعات المختلفة لدى وزارة العمل لتشمل العاملين في المنشآت غير المسجلة لدى جهات الاختصاص وعمال المياومة وتحديد الفئات المتضررة وتصنيفها حسب حجم الضرر.

تخصيص جزء من صندوق "وقفة عز" الذي أُنشا في الضفة الغربية من قبل القطاع الخاص بالتعاون مع الحكومة لسد الخلل الناجم عن الازمة المفاجئة وتعويض العمال كل حسب حجم الضرر الناجم عن خسارته لعمله.

العمل على وضع خطط للتعويض وحماية مصادر دخل الفئات الهشة بالتعاون مع أرباب العمل وضمان رجوع العاملين إلى العمل بعد انتهاء الازمة.

أن تضع الحكومة ضمن موازنتها برامج تحقق العدالة الاجتماعية لجميع الفئات، مع العمل على تفعيل سياسات مؤقتة لمواجهة الأزمة تشمل إيقاف الضرائب والجمارك وخفض أسعار السلع الأساسية وأن تساهم الحكومة في دعم هذه السلع.

العمل على تعزيز القيم الاجتماعية الايجابية بين المواطنين كالتكافل والتعاضد والتعاون والتراحم، فالجميع يجب أن يقتسم لقمة العيش لحفظ التوازن الاجتماعي والاستمرار بالحياة.

تعزيز الشفافية ونشر المعلومات بخصوص المساعدات التي وصلت قطاع غزة وأوجه صرفها.

أن تشمل الاعانات والمساعدات كافة الشرائح المتضررة دون استثناء وخاصة ممن يتقاضون مساعدات من الشؤون الاجتماعية فهم أفقر الفقراء ويجب مساعدتهم لاستكمال حاجاتهم الشهرية.

تطوير اجراءات السلامة واصدار تعليمات واضحة من وزارة العمل لفرض اجراءات السلامة في أماكن العمل مما يتيح لعدد أكبر خاصة العاملين لحسابهم الشخصي بإعادة فتح أعمالهم، وكذلك اصدار تعليمات مفصلة لكل قطاع عمل ومهنة حول الإجراءات المطلوبة للوقاية من انتشار فيروس كورونا بناء على طبيعة الاعمال في كل قطاع أو مهنة.

أما في مجال السلامة المهنية والعامة للعاملين في أماكن العمل الذين ما زالوا على رأس عملهم فلا يزال هناك الآلاف من العمال الذين يعملون في قطاعات حيوية حتى في ظل أزمة تفشي فيروس الكورونا، كالمخابز والقطاعات الصحية الخاصة ومصانع المواد الغذائية وغيرها، ويتطلب استمرار العمل في هذه القطاعات التأكيد على توفر بيئة عمل صحية ومناسبة وكذلك توفر أدوات السلامة المهنية والصحية داخل مواقع العمل. ويجب مراعاة الأمور التالية:

ضرورة التقيد والالتزام بكافة المعايير والتعليمات التي نص عليها قانون العمل في إطار السلامة والصحة المهنية وقانون الصحة العامة والتعليمات الوقائية الصادرة عن الجهات الرسمية المختصة لمواجهة تفشي مرض كورونا COVID-19.

استخدام كافة معدات الوقاية والسلامة الشخصية خلال العمل وعدم إهمالها والالتزام بها وعلى أصحاب العمل توفير كافة إجراءات الوقاية والسلامة وتهيئة مواقع العمل وفق معايير مهنية وصحية وتوفير كافة أدوات السلامة المهنية للعمال وعدم التذرع بالأوضاع الاقتصادية، وذلك لضمان سلامة وأمن العاملين والحفاظ على بيئة العمل وتجنب حدوث كوارث خطيرة تؤثر على حياة العمال والمواطنين معا.

انتهى

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد