ليست المرة الأولى التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لحركة حماس بعقد مؤتمرات صحافية والحديث عن تسريبات وتورط الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية بالتجسس و التآمر على المقاومة الفلسطينية و اتهام الرئيس محمود عباس بالتآمر شخصيا على المقاومة، ويصطف المسؤولين في حركة حماس الى الترويج الى تلك الإتهامات والحديث عنها وكأنها مسلمات حقيقية يجب على الناس الاقتناع بها، وأصبح الناس يتناولوها من باب التندر ونشر النكات حولها.


ليتضح أن حماس تخاطب نفسها وجمهورها فهي نفس التسريبات ونفس المكالمات ربما يكون هناك صدق والموضوع خطير وليس سهل خاصة أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تراقب وتتابع كل ما يجري في قطاع غزة ، واستغلال حاجة الناس خاصة الموظفين المتدنية رواتبهم والتي قطعت بشكل مهين، وربما يتفق ويختلف كثيرين حول تلك الرقابة التي تثير الشبهة والريبة.


و من هذا الأسلوب المكرر خلال السنوات الثمانية الماضية وتشويه ما بقي لنا من حس و كرامة إنسانية ونشر الفضائح بطريقة لا تخدم مشروعنا الوطني، ولا حتى حماس والمقاومة التي يؤمن الناس بطهارتها وبسالة رجالها وبطولتهم التي سطروها خلال العدوان الاخير على القطاع.
ثماني سنوات وتكرار المكرر مستمر، ونحن نشاهد ونستمع الى تسريبات أمنية ومكالمات هاتفية و اعترافات لمتهمين بنشر الفوضى و الكركعة في القطاع حسب حديث المتهمين الذين أدلوا باعترافات بتفجير عدد من الأماكن مع أنهم متهمين بتفجير سيارات حكومية وليس لهم علاقة بالتفجيرات التي وقعت خلال الفترة الماضية والتي استهدفت بيوت قادة فتح وغيرها من التفجيرات والمركز الثقافي الفرنسي الذي تم فحيره مرتين ولم يتم القاء القبض على الجناة.


وهذا ما يثير الريبة أيضاً حول تلك التسجيلات و الاعترافات والهدف منها وتسجيل مواقف سياسية لن تخدم حتى الان أحد بما فيها حماس، وان هناك جناة مجهولين وربما معلومين ما زالوا طلقاء ولا يدركون اهمية وقيمة المركز الثقافي الفرنسي المغلق حتى الان وما لذلك من دلالة سياسية وثقافية في المشهد الغزي الذي يفتقد للنشاطات الثقافية والفنية التي يقيمها المركز منذ اكثر من عشرين عاماً.


كل هذا يعبر عن حال العجز والأزمة التي نعيش و تعيشها حركة حماس والمشروع الوطني والصعود إلى الهاوية في توجيه الإتهامات وهي ما زالت تقف في وجه العاصفة وبدل من تجنيد الناس ومشاركتهم حول حل أزماتنا وما نعانيه في القطاع من كارثة تحيق بنا وكأنها تقول ان الطريقة الوحيدة لتبرير كارثة هو التهديد بحدوث كارثة أعظم، إذا لم تستمر الكارثة الحالية، من دون العمل على الخروج من الكارثة وتصديرها بعيدا عنها.


نحن لا نعيش عزلة وهذا الأسلوب من التسريبات لم يجدي وثبت فشله ولن يحقق أي انجاز سياسي او حتى جماهيري لحركة حماس فهي تخاطب جمهورها ونفسها، وكل منا له رؤيته وتقديراته و قناعاته تجاه ما يجري، والإستمرار في تكرار المكرر هو عبث وتضييع وقت وتعميق الازمة وفشل لما تقوم به حماس في علاقتها بالناس، ولن تستطيع القيام باختراق جديد، وهناك كثير من التفجيرات ما زالت غامضة ولم يتم الكشف عنها.


وسرعان ما ينسى الناس كل تلك التسريبات حتى لو اصرت حركة حماس واستمرت في الترويج اعلاميا لها فهي ضمن مسلسل الانقسام ومحاولة فاشلة من الطرفين التأثير في الاخر، الاهم يجب ان يكون حوار ونقاش وطني وبتقديم مبادرة يتم التنازل فيها من الطرفين من اجل اعادة الاعتبار للمشروع الوطني واحترام حقوق الانسان وكرامتهم التي تهدر يوميا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد