بوعي مسبق، وبقرار واسع الأفق، وضمن الإمكانات المحدودة المتاحة، دعا أبو الأديب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، النائب الفلسطيني محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في مناطق 48 لحضور اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته السابعة والعشرين، ومخاطبته، ودعا النائب الأردني يحيى السعود، رئيس لجنة فلسطين البرلمانية، رئيس لجنة الإخوة البرلمانية الأردنية الفلسطينية، لحضور المجلس ومخاطبته، وتم ذلك تأكيداً لمسألتين: الأولى جاءت تعبيرا عن وحدة معاناة الشعب الفلسطيني، ووحدة تطلعاته وبدون إلغاء خصوصية المهام لكل طرف من مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة: أبناء 48 بالنضال ضد التمييز وتحقيق المساواة، وأبناء 67 بكنس الاحتلال وتحقيق الاستقلال، وأبناء اللاجئين بالعودة إلى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم.
أما الثانية فهي تقدير من المجلس المركزي ورئيسه لدور الشعب الأردني الداعم رسمياً وشعبياً وبرلمانياً، ومواصلة التمسك بهذه العلاقة المتكافئة الندية، والتي تقوم على مواصلة إسناد الأردن لفلسطين، كشركاء وطنيين وقوميين سياسياً وعملياً ضد العدو المشترك، المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني، الذي يستهدف الأردن بعد فلسطين، وهي تدلل على أن الشعب الفلسطيني ليس بمفرده في مواجهة مشروع الاحتلال.
أبو الأديب اقترح بناء إستراتيجية عمل وطنية تقوم على ثلاثة عناصر هي: 1- تشكيل لجنتين الأولى أمنية سياسية والثانية اقتصادية متخصصة تناط بهما كيفية ترسيم ومراجعة العلاقة السياسية والأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، مذكراً أن المجلس المركزي هو الذي اتخذ قرار إنشاء السلطة الوطنية، وله أن يقرر مستقبلها ووظيفتها، فهو صاحب الولاية السياسية والقانونية في ظل تعذر انعقاد المجلس الوطني، 2- وثاني خطوات الإستراتيجية ملاحقة مجرمي الاحتلال ومستوطنيه، عبر المؤسسات الدولية ذات الصلة، 3- وثالث الخطوات التوجه مجدداً إلى مجلس الأمن واستكمال العضوية لدى المؤسسات الدولية.
بينما كانت كلمة الرئيس أبو مازن استعراضية لما جرى، ولكنها وصلت إلى نتيجة مهمة وهي أن «كل الاتفاقات التي عقدت مع الإسرائيليين ثم نقضها منذ العام 2001 وهم لا يحترمون المعاهدات والاتفاقات، ولن نستخدم العنف، والمقاومة الشعبية هي الطريق الوحيد»، وطالب المجلس المركزي وهو أعلى سلطة، «بإعادة النظر في وظائف السلطة، التي لم تعد لها سلطة، وعليه دراسة كيفية إعادة سلطة ذات سيادة، وضمان ذلك، وضمان ألا يكون الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الموقعة من جانب واحد».
بينما تطرقت كلمة الجبهة الديمقراطية إلى ما هو أوسع وأشمل حيث وجدت أن التطورات السياسية، ووصول المفاوضات إلى الطريق المسدود، وتوسيع نطاق الاستيطان وتحلل إسرائيل من الالتزامات الموقعة عليها والمطلوبة منها، أدى ذلك بنظر الجبهة الديمقراطية إلى خلاصة واحدة هي أننا وصلنا إلى «نهاية مرحلة سياسية»، ورداً على هذا الاستخلاص دعت إلى إستراتيجية سياسية جديدة ذات شقين، الأول على الصعيد الخارجي، والثاني على الصعيد الوطني الداخلي، فعلى الصعيد الخارجي ترى ضرورة اعتماد مبادرة دبلوماسية هجومية تنأى بنفسها عن المساومات على حساب الحقوق، وتركيز العمل على تفعيل انتساب فلسطين إلى المؤسسات والوكالات الدولية، والعمل على نزع الشرعية عن الاحتلال، وعلى الصعيد الوطني الداخلي اعتماد سياسة كفاحية في الميدان، في إطار إستراتيجية شاملة في صلبها، وفي القلب منها، المقاومة الشعبية للاستيطان والمقاطعة الواسعة لمنتجات الاحتلال، وفي هذا السياق رأت أن الآلية الضرورية تقوم على تفعيل وفد اللجنة التنفيذية، بعضوية جميع فصائل منظمة التحرير للتوجه نحو قطاع غزة بهدف فتح الحوار مجدداً مع حركتي حماس والجهاد، والعمل على إزالة معيقات استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، ودعت كذلك إلى اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، إضافة إلى تفعيل عمل كل من اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي وانتظام اجتماعاتهما.
وتوقفت الجبهة الديمقراطية أمام قضيتين في غاية الأهمية نظراً لأنهما تمسان حقوق الشعب العربي الفلسطينية، الأولى وهي حق اللاجئين في العودة وفق القرار 194، وليس وفق «الحل المتفق عليه» كما جاء في نص مبادرة السلام العربية، الذي يُخل سلفاً ومقدماً بحقوق اللاجئين في العودة وفي استعادة ممتلكاتهم، أما القضية الثانية فهي «التبادلية في الأراضي» وهي تعني التسليم بضم المشروع الاستعماري الإسرائيلي لأراض محتلة العام 1967، ويؤدي ذلك إلى نسف التمسك بحدود الرابع من حزيران 1967، وهو إخلال بقرار مجلس الأمن 242 برفض ضم أراضي الغير في القوة.
قرار المجلس المركزي، عبر بيانه «بوقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، في ضوء عدم التزامه بالاتفاقات الموقعة» توصية مهمة إذا التزمت بها اللجنة التنفيذية، ويشكل صفعة لمشروع الاحتلال وسلطاته العدوانية، لا تقل أهمية عن صفعات الإقرار والاعتراف بفلسطين في الاتحاد البرلماني الدولي، وعضوية «اليونسكو»، والعضوية المراقبة لدولة فلسطين في الجمعية العامة، كخطوات عملية على الطريق الطويل والصعب لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
أما قرار المجلس المركزي، بالاستجابة والموافقة على طلب حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وقبول انضمامها لمنظمة التحرير، فهي خطوة تنظيمية نوعية مهمة، لتعزيز وحدة القوى والفصائل والأحزاب والشخصيات الفلسطينية، لتكون منظمة التحرير بحق ممثلة وحيدة للشعب الفلسطيني وهي خطوة لعلها تساعد حركتي حماس والجهاد للقيام بنفس التوجه الضروري.
السؤال: هل يشكل اجتماع المجلس المركزي بدورته السابعة والعشرين محطة نوعية ونقلة جدية في مواجهة الاحتلال، وتعزيز التماسك الداخلي، وتجاوز المأزق الداخلي؟؟.
h.faraneh@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد