في الذكرى السادسة والستين للنكبة عمّد الفتيان نديم نوارة (17 عاماً) ومحمد أبو الظاهر (16 عاماً) بدمائهما ثرى فلسطين، ليؤكدا أن نهج العصابات الصهيونية الإجرامي في العام 1948 هو النهج نفسه الذي يتربى عليه جنود الاحتلال.

إذن هي ثقافة القتل المتعمد، ثقافة لم تتغير منذ النكبة وحتى اليوم... وكم من شهيد ارتقى ليس لسبب إلاّ لأنه فلسطيني!!!

قوات الاحتلال أُجبرت على "فتح" تحقيق في قضية القتل، بعد أن حاولت في البداية أن تنفيها، بعد أن لم تتمكن ربما من وضع سلاح أبيض أو ناري بجانب جثماني الشهيدين لتقول إنهما كانا يريدان تنفيذ عملية ضد إسرائيليين مثلما فعلت مع العديد من الشهداء... والقرار الإجباري جاء على خلفية مجموعة من التقارير والتحقيقات الصحافية في هذا الجانب.

بعد محاولة قيادات الاحتلال التهرب من الجريمة وبعد النفي والتشكيك في روايات مؤسسات حقوقية وإنسانية وقانونية تعاملت مع الموضوع ولكن بنوع من "رفع العتب" كما يقال، وبعد أن نشرت المؤسسات الحقوقية أشرطة مسجلة لعدسات محطات تلفزة أجنبية، وأشرطة كاميرات مراقبة في مبنى فلسطيني كان الشهيدان يقفان بجانبه.

ربما الأخطر فيما كشف من التحقيقات التي حظرت الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشرها أن الجندي الذي أطلق النار كان يرغب في أن "يتسلى بعد الملل الذي كان يشعر به" كما قالت صحيفة (هآرتس) العبرية أمس.

الجندي القاتل حسب ما تسرب من رواية الاحتلال استعار سلاحاً من جندي آخر، طالباً أن يجرب حظه وأطلق رصاصتين.. ويا للقدر فإن الرصاصتين أصابتا الشهيدين في مقتل؟!!
إذن، هل كان هذا الإرهابي القاتل يعاني من الملل أم يعاني من فكر فاشي إجرامي عندما أطلق النار على الشهيدين.

الجندي القاتل يعمل في وحدة اتصالات.. أي ممنوع عليه إطلاق النار، ولكنه فعلها وبدم بارد؟!! وفي كل مرة فإن جنود الاحتلال في مسرح الجريمة يتفقون على رواية موحدة بهدف تبرئتهم أو تبرئة زميل لهم من جريمة إنسانية... وهذا ما حصل بداية في قضية الاغتيال المتعمد للشهيدين نوارة وأبو الظاهر... حيث كذب أفراد الوحدة أولاً بادعائهم أنهم لم يطلقوا النار... ولكن لحسن الحظ فإن ما صورته عدسات الإعلام فضح كذبهم ونشر جرائمهم المتعمدة...

جيش الاحتلال ادعى أنه أوقف القاتل بعد نقله إلى وحدة أخرى... ولكن لا أحد يجزم بأن نهاية التحقيق ستكون توبيخاً لهذا القاتل، لأن حالة الملل ومحاولة التسلية ربما ستشفع له كما كل القتلة السابقين الذين تم توبيخهم أو تغريمهم بقروش كما في مجزرة كفر قاسم... أو ستتخذ إجراءات مخففة ضدهم إعلامياً ثم يعودون إلى مواقعهم كما حصل في جريمة إعدام الشهيدين مجدي أبو جامع وصبحي أبو جامع في العام 1984 بعد اختطاف حافلة إسرائيلية... حيث ادعى قادة الاحتلال أنهما قتلا خلال السيطرة على الحافلة، ولكن أبت عدسة مصور صحيفة "حداشوت" في حينه إلاّ أن تفجر قضية من العيار الثقيل وتفضح كذب هذا الجيش وقياداته عندما أظهرت استسلام الشهيدين والقبض عليهما ثم نقلهما إلى مكان قريب قبل إعدامهما... فهل تُتابع قضية الشهيدين على المستوى الدولي لتكون عبرة للقتلة والكاذبين أم سيتم دفن قضيتهما بعد أن تبرد الأحداث؟!!.

abnajjarquds@gmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد