أبدى عدد من المحللين الإسرائيليين استغرابهم من وقف القيادة الإسرائيلية لسياسة «الحرب ما بين الحروب» في المواجهة مع إيران على الأراضي السورية، دون ان تقدم بديلاً عنها، وهي الحرب التي قادتها إسرائيل طوال السنوات الماضية بهدف منع نقل أسلحة إيرانية الى حزب الله في لبنان، او منع ايران وأتباعها من تعزيز قواتها على الأراضي السورية، ومنع نشاطات «ارهابية» معادية لها في المناطق الحدودية مع الجولان السوري المحتل، الأمر الذي أثار الجدل لدى أوساط الباحثين السياسيين في إسرائيل، عندما لاحظ هؤلاء ان هذه الحرب قد توقفت منذ ان التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو بالرئيس الروسي بوتين في الثالث والعشرين من آب الماضي في سوتشي، والربط بين هذا اللقاء ووقف سياسة الحرب بين الحروب والتي تقضي بقيام إسرائيل بضرب ما تدعي انها قواعد او مواقع عسكرية لإيران او اتباعها على الأراضي السورية، بشكل منتظم بين وقت وآخر، على ضوء اتفاق مع روسيا التي تحتفظ بقوة عسكرية واسعة في الأراضي السورية. وقف هذه الحرب بنظر هؤلاء يعود الى تفاهمات جديدة بين روسيا وإسرائيل تقضي بعودة موسكو عن سياسة الصمت عن هذه الحرب، مع استعداد روسي لوقف التمدد الايراني على الأراضي السورية دون حاجة الى إحراج روسيا بضرب اسرائيل لمواقع إيرانية على الأراضي السورية.


وقد لوحظ بالفعل، أننا لم نشهد منذ اكثر من شهرين، اي محاولة إسرائيلية لضرب أهداف ايرانية على الأراضي السورية، رغم ان إسرائيل عمدت الى عدم الإعلان عن مسؤوليتها عن هذه الضربات، الا في الأسابيع الأخيرة من هذه الحرب، عندما اعلن نتنياهو عن مسؤولية الاحتلال عن هذه الضربات، لدوافع انتخابية، بعد ذلك توقفت هذه الحرب التي سادت سياسة التعامل الإسرائيلية مع التمدد الإيراني على الأراضي السورية.


أصبحت روسيا، في وقت ما قادرةً على الانسحاب من تعهداتها بالصمت ازاء الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية، ويعود ذلك لأسباب عديدة، كلها تشير الى ان روسيا باتت الأكثر تأثيراً نظراً للتراجع في التأثير الأميركي في المنطقة، خاصةً في منطقتي الخليج وسورية، كما نجحت روسيا في ملء الفراغ الناجم عن هذا التراجع، فرغم الاتفاق التركي مع أميركا حول «المنطقة الآمنة» شمال سورية، إلا أن هذا الاتفاق، رغم الخروقات لم يكن لينجح إلا بعد الاتفاق التركي مع روسيا في سوتشي، الأمر الذي أدى الى تأكيد العديد من التحليلات حول عجز إدارة ترامب على الوفاء بالتزاماتها إزاء حلفائها، بينما روسيا الأكثر وفاء وصدقاً في التعامل مع حلفائها وأصدقائها.


إلا أن الحديث من قبل عدد من الباحثين الإسرائيليين حول عدم وجود سياسة بديلة عن «الحرب ما بين الحروب» ليس دقيقاً، اذ لاحظنا ان إسرائيل قامت مع بدء وقف هذه الحرب بسياسة بديلة تقضي بإثارة المزيد من التخويف من التمدد الإيراني في سورية، بل في اليمن والعراق وحتى ليبيا، دون أن يلحظ احد بالمقابل أن جملة التحركات الشعبية في لبنان والعراق، من شأنها تقييد التأثير الأمني والسياسي لطهران في هذه المنطقة الحساسة من العالم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد