محمد نجيب الشرافي

كعادة الدبلوماسيين الماكرين، يلقي القيادي في حركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق بظله الخفيف على موضوعات سياسية جادة وخطيرة تمس حاضر أهل قطاع غزة ، للتهرب من مواجهة موقف ينطوي على سؤال ينتظر من حماس الإجابة عليه، فيأخذنا الى المزاح.. مزاح يرتقي إلى حد الاستهتار، يتجلى عندما لا يجد صاحب العلاقة ما يجد قوله.

عضو المكتب السياسي لحركة حماس الذي يتسم عادة بالهدوء جانبه الصواب، ولم يحالفه الحظ في إيجاد جواب مقنع ردا على سؤال النائب جميل المجدلاوي عندما طالب حماس بتسليم مفاتيح المعابر للسلطة، لنزع حجة الدول المانحة في وقف تدفق أموال اعمار غزة. مع ان سؤال المجدلاوي جاء لاحقا لشروط وضعتها الدول المانحة نفسها لتدفق اموال اعمار غزة.

يبدو أن أبو مرزوق يشعر بحرج بالغ إزاء استحقاق يفرض على حماس الاستجابة له وتنفيذه. لكنها تعطل أي اجراء قبل تعهد الحكومة الفلسطينية بدفع رواتب موظفيها، عملا بقاعدة "انا وبعدي الطوفان" أو كما يقول المثل الشعبي المصري: يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء!

 أبو مرزوق يرى أن استقالة حكومة هنية تشكل تنازلا ما بعده تنازل من اجل الوفاق والوحدة الوطنية المنشودة، وفي رأيه أن ذلك كاف لان تأخذ حماس مقابله ما تريد وتشارك حسب ما تريد!..

أبو مرزوق استغل غياب الصحفيين، ولربما اثر أن يكون رده عبر تغريده على صفحته في الفيسبوك وطلب تفسيرا من المجدلاوي عن معنى أن تنسحب حماس من المعابر؟. "لم يفهمها الدبلواسي المخضرم (..) وأخذه الظن إلى تفسير ذلك بذهاب موظفيه العاملين في المعابر إلى منازلهم ومشاركة زوجاتهم في جلي الصحون وتنظيف المنزل!

بلا شك يعرف الدكتور ابو مرزوق مدى وضوح المجدلاوي في تصريحه بان وجود حماس في المعابر وعدم السماح لموظفي السلطة بالقدوم والاشراف على المعابر إنما يعطل تدفق أموال  الدول المانحة لأعمار غزة تحت إشراف حماس التي تنظر إليها على أنها "إرهابية"، ويعرف أيضا أن مصر تعاني إرهابا إسلاميا في سيناء، وتتهم حماس بالضلوع في بعض تلك العمليات – رغم النفي المتكرر-  وانها لن تسمح بفك عزلة الحركة. لكن المدقق في تصريح المجدلاوي يلاحظ انه لم يقل بتخلي حماس عن موظفيها، ويرى أن ما يحدث من مواقف متباينة بين الحكومة وحماس يعني بلا شك أن الاخيرة تمارس مهام سلطة موازية للسلطة القائمة وان ما حدث من خطوات تصالحية ليس اكثر من استقالة لحكومة هنية، وهذا ما يلمسه المواطن البسيط ايضا.

على أي حال، فان قراءة متأنية لتصريحات النائب المجدلاوي فضائية القدس التابعة لحماس وما اعقبها من رد ابو مرزوق تشير إلى الأخير ربما لم يقرأ تصريح "صديقه" أو ربما قرأه على عجل. فما قاله المجدلاوي هو ما يجب ان يكون وهو تسليم المعابر، بمعنى ان تدع حماس الحكومة لكي تمارس مهامها واشرافها على المعابر، ولا يجوز لحماس ان تفاوض السلطة وكأنها حكومة موازية ثم تدعي أنها استقالت. 

ما يتمتع به الدكتور موسى ابو مرزوق من صفات قيادية وانسانية استفاض في شرحها صديقه الدكتور احمد يوسف ذات يوم تؤهله أن يقول الحقيقة كاملة مهما كانت مرة، وليس أنصاف الحقائق. أما أن تتبدل الأولويات ويتقدم ما هو حزبي على ما هو وطني وإنساني فتلك قضية أخرى تضع صاحبها في موضع شك مما قيل عنه وفيه.

بمعنى آخر، فان رواتب موظفي حماس واعادة تموضعهم شئ والبدء بأعمار غزة شئ اخر، وكلاهما استحقاق، وان الواجب الوطني والانساني الذي يعرفه الدكتور ابو مرزوق اكثر من غيره يقتضي أن لا نرهن معاناة غزة ونربطها برواتب الموظفين.

يظل السؤال: إذا كانت حماس راغبة بالاسراع في قضية الاعمار، من خلال ما سبق، أليس من الواجب الكف عن الاستخفاف بما هو استحقاق جارح تأخيره والمماطلة في تنفيذه ؟؟ 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد