ماذا بعد قرار ( الأونروا ) وقف مساعداتها للأسر الفلسطينية التي فقدت منازلها في الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة ؟!

الأونروا بررت قرار الوقف والامتناع عن دفع بدل إيجار بعدم وصول الأموال اللازمة من الدول المانحة. الأونروا قالت إنها تلقت (١٣٥) مليون دولار فقط، بينما طالبت المانحين في مؤتمر القاهرة بتوفير (٧٧٥) مليون دولار. وقالت إن ما وصلها وزعته على ( ٦٦) ألف أسرة متضررة ، وهي ألا تستطيع مواصلة العمل لتخفيف الأضرار عن المتضررين لعدم وجود المال اللازم ؟!

في ضوء هذا البيان المؤلم، كان سؤالنا آنف الذكر: وماذا بعد؟! أعني من للأسر التي فقدت منازلها؟! ومن للأسر المتضررة؟! وهل يمكن لهؤلاء المتضررين مواجهة مطالب الحياة اليومية، ومطالب المسكن والمأوى، في بيئة غزة، بدون مساعدة الأونروا أو غيرها؟! من هدمت بيوتهم فقدوا كل ما يملكون تحت أنقاض البيوت المهدومة بفعل القصف الإسرائيلي الوحشي خلال حرب ( الجرف الصامد)؟!

من المؤكد أن جلّ هذه الأسر لا يملك القدرة المالية على مواجهة ما أصابهم في هذه الحرب عدوانا وظلما. ومن المؤكد أن جريمة هدم البيت والمنزل تستولد جرائم أخرى. والمعاناة تستولد معاناة ثانية وثالثة وهكذا دواليك؟! لذا نحن في غزة لسنا أمام معاناة الأسر بفقدها البيت بالهدم فقط؟ فكل أسرة فقدت منزلها، فقدت معه الاستقرار، وفقدت معه الأثاث، وفقدت معه القدرة على إعادة الإعمار ، وفقدت معه أحيانا المعيل؟! ومجموع هذه الأسر تعاني من غياب العمل، وغياب المال، وغياب كيس الإسمنت ومواد البناء، وغياب الأمل في المساعدات الخارجية؟!.

إن ما يمكن أن ينتج عن هذه الحالة، وعن قرار الأونروا الأخير، من مشاكل نفسية لأفراد الأسر المتضررة، لا يمكن الهروب منه، أو إغفاله، لذا يجدر بمكونات المجتمع الفلسطيني ( الفصائلي ، والمدني) أن تقف أمام تصريح الأونروا بمسئولية عالية، ويجدر بها أن تدعو إلى مؤتمر جامع لمدارسة المسألة، والبحث في الحلول. ويجدر بالمتضررين أن تكون لهم رابطة ولجنة تنفيذية تتابع مشاكلهم، وتدافع عن حقوقهم، وتتواصل مع الآخرين لإجبار (إسرائيل) من ناحية، والمجتمع الدولي الذي قدم لها السلاح الفتاك من ناحية أخرى لتحمل مسئولية الهدم وإعادة الإعمار؟!

إن ما قررته الأونروا أمس يعد من أخطر القرارات وأكثرها إيلاما، لا سيما أنه قرار في مجتمع غزي لا يقوى ذاتيا على تحمل أعباء استمرار هذا القرار، وفي بيئة سياسية يتخلى فيها رئيس السلطة عن مسئولياته، بينما كان هو ممثل فلسطين في مؤتمر إعادة الإعمار بالقاهرة.؟!

إن الإحساس النفسي بأهمية قرار الأونروا وأخطاره أمر في غاية الأهمية على المستوى الفردي، والفصائلي، والمؤسسي المدني، لأن تداعياته السلبية قد تعصف لا سمح الله باستقرار المجتمع، ثم باستقرار التهدئة، ثم بالمنطقة برمتها.

يجدر بالأونروا أن تواصل جهودها الخارجية مع الدول والمؤسسات، ربما من خلال الأمين العام بان كي مون أو غيره. ويجدر بها ألا ترفع راية الاستسلام؟! ويجدر بها داخليا أن تدعو المجتمع المدني الغزي، والمتضررين، وفصائل العمل الوطني والإسلامي، لورشة عمل أو لمؤتمر، يدرس الخطوات القادمة.

إن الاستسلام للمعاناة يعني الهزيمة، والاستسلام للمخطط الإسرائيلي، الذي قام بالهدم المبرمج ليصل إلى هذه النتيجة، ويحقق هذا الهدف .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد