في أطرف خبر قرأته أن قياديا في أحد التنظيمات الفلسطينية تعرض لقمع من نوع مختلف عن تلك الوسائل المتعارف عليها لدى الأجهزة الأمنية.نوع العقوبة تمثل في قطع التيار الكهربائي عن منزله.


لم يضبط المواطن مرتكبا لمعصية نصت عليها لوائح الشركة , وإنما يتلخص "جرمه" انه طالب باستقالة مسؤولها في غزة فتحي الشيخ خليل. في اليوم التالي فوجئ بموظفي الشركة لفصل التيار الكهربائي عن منزله , ظن القيادي الفلسطيني أن هناك سوء فهم. أطلع الموظفين على فواتير التسديد الآلي, فردوا أن مسؤولهم هددهم بالفصل من الوظيفة إذا لم تتم العقوبة بالقطع.!


نكاد, في غزة, نختلف في كل شئ وعلى أي شئ , بدءا من الرئاسة مرورا بالحكومة والفصائل والأحزاب والمنظمات غير الحكومية , في قضايا تتعلق بالمرأة والرواتب والبطالة, نختلف حول مستوى التعليم والصحة بل وحتى في أسعار الخضراوات والمحروقات.. لكننا نتفق أن شركة الكهرباء تمارس تسلطا وتعثرا في توفير الطاقة وتوزيعها.. ولا أحد في طول غزة وعرضها راض ٍعن ساعات الوصل . المتهم الأول عن هذه المأساة هو :الشركة.


مثلما تعد الطاقة واحدة من أهم المقومات الضرورية والأساسية للمجتمعات وسيرورتها, فان حرية التعبير لا تقل عنها أهمية بالنسبة إلى الفرد والمجتمع, وقمع ارادته وحرمانه من حقه في التعبير عن موقفه يتعارض مع طبيعته كانسان وينتقص من حريته وكرامته. بيد أن شركة كهرباء غزة تمثل سلطة خارجة عن المألوف: لا أحد يستطيع مساءلتها أو الاستفسار منها عن سبب وجيه في قطع خدماتها المفاجئة – على كثرتها حتى أصبح القطع قاعدة والوصل استثناء, بل ان مسؤول الشركة نفسه أعلن أنه لا يضمن استمرار الوصل لمدة ساعة واحدة, وكأنه يقول "اللي مش عاجبه يضرب رأسه في الحيط".


أحد المغردين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أطلق هاشتاك يقول فيه: "مرتي طلّعت الأكل من الثلاجة عشان ما يخرب", وفي اليوم التالي كان آلاف المغردين يطلقون تعليقات إعجاب ساخرة تعكس المرارة التي يعانيها المواطنون من الكهرباء وموظفيها ومسؤوليها.
أينما تولِ وجهك في شوارع قطاع غزة تجد تحذيرات شرعية تحذرك من جريمة الإقدام على سرقة الكهرباء باعتبارها "حرام شرعا", ويعرف المواطن مسبقا أن غرامة مالية تنتظره في حال ارتكاب جرمه. السؤال في حال تسبب القطع المفاجئ للكهرباء بتلف الأجهزة الكهربائية في البيوت من سيعوض المواطنين عن خسائرهم؟ هل تجرؤ الشركة على الاعتراف بحق المواطنين في التعويض عن تعطيل حياتهم. لن نتعرض لما سببه انقطاع الكهرباء من ازهاق حياة عشرات المواطنين كي لا نجدد أوجاعهم وحسرتهم على أبنائهم. ولن نتعرض لمصير المنح القطرية أين تذهب قيمتها بما أنها منحة لشعب وليس لشركة . لماذا لا توزع على الفقراء من خلال تخفيض قيمة فواتيرهم ؟ لماذا تعفى المؤسسات الحكومية من دفع استهلاكها للطاقة؟


إذا صحت رواية السيد محمود الزق ,وقد عُرف عنه صدق الحديث, فلن يكون غريبا أن نقرأ ذات يوم أن الشركة اعتقلت مواطنا في أحد سجونها التأديبية أو قطعت لسانه كما حدث للشاعر اليمني وليد الرميشي، أو جزت حنجرته كما حدث للفنان السوري الشاب إبراهيم القاشوش, إذا ما اعترض على برنامج القطع شبه الكامل عن القطاع!.


احذر التعليق وإبداء الرأي حتى لا يصيبك ما أصاب الزق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد