لا غاز في غزة . أقصد لا يوجد في بيوت المواطنين غاز طهي، ولا غاز للتدفئة. أسطوانة الغاز في غزة عملة نادرة كجنيه الذهاب الذي انقرض تدريجيا. احذر، وحافظ على ما تبقى في أسطوانتك. دع ما تبقى منها للشاي والقهوة حين يزورك ضيف عزيز. إياك أن تطبخ لحما أو خلافه، لأنك لن تجد غازا بديلا. وبالمناسبة لن تجد واسطة لتوفر لك أسطوانة بطريقة استثنائية. يمكنك أن تدفع ضعف ثمنها، ولكن هذا غير مجد لأن الغاز مفقود. واسمع إلى قول رئيس هيئة القطاع الخاص للبترول حين يقول: ( إن هيئة البترول في رام الله هي المسئولة عن نقص غاز الطهي في غزة؟! لأنها لا تسمح بتوريد ما تحتاجه غزة رغم أن غزة تدفع ثمن ما تستهلكه من غاز مقدما؟! )

وبيان ذلك أنه قبل تشكيل حكومة التوافق كانت حكومة رام الله، وهيئة البترول فيها قد فرضت على القطاع الخاص الغزي أن يشتري الغاز عن طريق الهيئة بالدفع النقدي المسبق ، على خلاف ما كان معمولا به من قبل، بالدفع الآجل بعد شهر تقريبا، على نحو ما هو معمول به في الضفة الغربية حتى الآن. دفع القطاع الخاص الغزي الثمن مقدما، وما زال يدفعه من أجل الحصول على كامل الكمية التي تحتاجها غزة، ولكن بلا جدوى؟!

غزة، حرسها الله، تحتاج إلى (300) طن غاز يوميا، غير أن هيئة البترول في رام الله تورد لغزة فقط (40) طنا يوميا، وهذه الكمية القليلة توزع على المستشفيات والمخابز ومزارع الدواجن، ومن ثمة لا غاز للمنازل، لا للطهي ولا لغيره، والمسئولية هي حصار هيئة البترول في رام الله، لا الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال.

حين نتحدث عن الإسمنت يمكن أن نتهم دولة الاحتلال بمنعه عن غزة، بحجة أنه يستخدم في بناء الأنفاق كما تزعم قياداتهم الأمنية، ولكن الغاز لا علاقة له بالأنفاق، ولا بالمقاومة، ودولة الاحتلال تبيعه لمن يشتري من الدول العربية كالأردن ومصر، والأهم من ذلك أنها مسئولة عن توريده قانونيا إلى غزة، وحين يتحدث القطاع الخاص في غزة عن مسئولية هيئة البترول، وينفي المسئولية عن دولة الاحتلال لا يعني أن القطاع الخاص صار محبا للاحتلال، ومعاديا لرام الله؟! المسألة لا علاقة لها بالمفاهيم الوطنية البتة، المسألة أن القطاع الخاص يصف الحقيقة، ويكشف عن أبعاد المشكلة، وعن الجهات المعوقة، وهذا أوجب الواجب فيما يجب أن يفعل. وإلا فأجيب أن: لماذا يتوفر الغاز في الضفة العزيزة، ولا يتوفر في غزة؟!!!

نحن نتحدث عن سلعة أساسية لكل بيت حضر، ووبر، ولا يجوز المجاملة في هذه المسألة بعد طول المعاناة، بينما الحلّ موجود بين أيدينا. غزة تدفع الثمن، وهيئة البترول واسطة، وتتقاضى حصتها من الضرائب المفروضة على الغاز الذي يرد إلى غزة.

ما قاله القطاع الخاص يجدر بالفصائل أن تناقشه في جلساتها ومع قيادة فتح أيضا، كما يجدر بوسائل الإعلام مناقشته علنا بكل جرأة وبكل مسئولية. لم يعد المواطنون في حاجة لإبر تخدير، ولا لحديث رمادي لا يسمن ولا يغني من جوع. إن الشعب الذي يدفع ضريبة الصمود والتحرير، يريد غازا يطهو عليه طعام أطفاله، وكفى تعذيبا وقهرا؟! أو ارفعوا أيديكم عن القطاع الخاص ودعوه يتعامل مباشرة مع المورد الإسرائيلي؟!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد