لاجئو فلسطين: قصة معاناة وألم لا تنتهي

معاناة اللاجئين الفلسطينيين

لطالما مثّل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية رمزًا لحق العودة الثابت، إلا أن الحرب هناك لم تبقِ أي لاجئ في الأزقة؛ فجميع من بقي على قيد الحياة فرّ بحثًا عن ملاذ آمن.

وحسب منظمة التحرير الفلسطينية، فإن مخيم اليرموك الذي تأسس عام 1957 على بعد 8 كيلومترات عن وسط العاصمة دمشق، كان يقطنه نحو 200 إلى 300 ألف لاجئ، إلا أنهم خرجوا عند بدء الحرب على "الإرهاب".

وتعدّدت وجهات اللاجئين الفارين من قتل ودمّار "اليرموك" والمخيمات 11 الأخرى للاجئين الفلسطينيين بسوريا، فمنهم من توجّه إلى الأردن ولبنان ومصر، وآخرين فضلوا العودة إلى قطاع غزة أو الهجرة إلى أوروبا.

تهجير واعتقال

الفلسطينية ميادة عبد الهادي، هُجرت قسرًا من "اليرموك" إلى هولندًا، برفقة طفليها الذين تعيلهما بمفردها بعد وفاة زوجها.

وتقول ميادة لـ(سوا): لا أستطيع نسيان مشهد التهجير الذي مررنا به، مشيرةً إلى أنه أعاد إلى الأذهان ما حدث للفلسطينيين عام 1948 على يد العصابات الصهيونية.

وتصف ميادة مشهد التهجير : "الأولاد يصرخون ويبكون. الدخان والقصف والناس يركضون ويسقطون هلعًا في كل مكان (..) شعرت وقتها أن الساعة قد حانت".

وكانت ميادة تعيش مع طفليها ووالديها في بيت مستأجر بالمخيم، إلا أنهم تركوه عنوّة هربًا من الدمار، وتوجّهوا نحو مخيم عين الحلوة في لبنان؛ قبل أن يتشتتوا ما بين هولندا وتركيا بفعل المعاناة هناك.

وتقول ميادة : "دخلت المعتقل عدة أيام، ورأيت العذاب ألوان (..) بعد ذلك أطلق سراحي، وأصبحت أشعر بخوف كلما دق باب البيت".

وتضيف : "الحياة الآن بلا طعم"، موضحة أن "منّ فقد أهله وإخوانه، لو جلس بقصر في الغربة لا يشعر إلا بالدمار والأسى".
ضحية مقبلة

ولا يختلف حال الفلسطينية أمل شنار وأطفالها الأربعة عن ميادة وعائلتها، إذ أجبرتها الحرب على هجران منطقة "سحانيا" في سوريا إلى السويد.
وفقدّت أمل خمسة من أقاربها كانوا يسكنون معها قبيل الحرب، فيما بات طفلها البالغ ثلاث سنوات يعاني من "مرض نفسي" إثر أصوات القصف والانفجارات.

وتقول لـ(سوا): كان ابني الصغير يسمع صوت القصف، ويسقط على الأرض، ويغلق أذنيه خوفًا من أن يكون الضحية المقبلة، مستذكرةً أيام الحرب التي حرمتهم من مغادرة جدران المنزل لأيام.

وتشير إلى أنها وأطفالها لم يخرجوا من المنزل سوى وقت تهجيرهم، آملا أن يعود الحال لما كان عليه قبل الحرب.
نحو السجن الأكبر

وقصّدت العديد من العائلات الفلسطينية في سوريا، قطاع غزة إبان الحرب، عله يكون ملاذًا آمنًا، إلا أن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتتالية وحصاره المتواصل منذ أكثر من 12عامًا، فاقم معاناتهم، فمنهم من بقي في "أكبر سجن بالعالم" وآخر غادر.

المواطن نبيل أبو نحل (46 عاما)، أحد اللاجئين الذين فروا إلى غزة، يقول لـ(سوا): أوضاعنا هنا صعبة للغاية (..) لا أحد يلقي الضوء علينا.

ويشير إلى أنه كان وأسرته المكونة من 6 أطفال يعيشون حياة أفضل في سورية قبيل الحرب، من التي في القطاع المحاصر، مطالبا الجهات المختصة بالنظر إلى معاناتهم وحل أزماتهم.

وطالب أبو نحل مؤسسات حقوق الإنسان بدعم اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، مناشدا العالم بتمكين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم التي هجروا منها عام 48.

وكانت سوريا من أهم الدول التي لجأ إليها الفلسطينيون بعيد النكبة عام 1948، حيث هجر إليها آنذاك قرابة 85 ألف لاجئ، يرجع معظمهم إلى سكان الجزء الشمالي من فلسطين، وخاصة صفد وحيفا ويافا.

وتوجد في سوريا تسعة مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين معترف بها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى ثلاثة مخيمات أخرى غير رسمية.

وكان تعداد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بحسب (أونروا) عام 2017، يتجاوز نصف مليون لاجئ، ويتوزعون على ست محافظات، إلا أن الكتلة الأكبر من اللاجئين توجد في دمشق وتحديدا في مخيم اليرموك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد