287-TRIAL- استفاقت مدينة غزة ومحافظة الشمال فجر الجمعة على وقع سلسلة انفجارات قوية مرعبة دفعت الناس الى الظن أن الحرب قد عادت من جديد, وأن إسرائيل قد ظفرت "بصيد ثمين", وهي التسمية التي تطلقها التي تطلقها على احدى القيادات العسكرية في المقاومة الفلسطينية بعد اغتياله ... ولكن الناس سرعان ما عادوا الى النوم بعدما تبين لهم – بفضل مواقع التواصل الاجتماعي –أن أطراف الحرب القائمة قد تغيروا, وأن لا رحيل الى المدارس.
في هذه الليلة سقط الأمن والأمان الذي كانت تتغنى حركة حماس بتحقيقه منذ سيطرتها على حكم غزة قبل نحو ثماني سنوات. لقد  عمت الفوضى وبلغ الفلتان الأمني مداه في محافظتين بقطاع غزة. كان الارهابيون يتجولون بحرية وثقة وهم يحملون العبوات الناسفة ويزرعونها أمام بيوت نحو عشرين قياديا فتحاويا, فضلا عن مكتب الدكتور زكريا الاغا ومنصة المهرجان المركزي لاحياء ذكرى استشهاد الزعيم الخالد ياسر عرفات الفدائي الأول وأب الوطنية الفلسطينية.  
بالتأكيد, لم يكن الارهابيون مجموعة واحدة. كان هناك من قام بزرع العبوات الناسفة, وغيرهم قام بالصنيع والاعداد, وآخرون كتبوا "أو دبلجوا" رسائل تهديد. وثمة من فكر وأعطى التعليمات ... كل هؤلاء تحركوا في شوارع غزة رغم حواجز الشرطة والكاميرات المنتشرة في الشوارع.
تلك الجهة التي مازالت مجهولة لدى الشرطة أرفقت عملياتها برسائل تكفيرية موجهة الى المعنيين بالأمر موقعة باسم " الدولة الإسلامية "لمعروفة باسم" اعش" تطالبهم فيها بالامتثال لأمر الاقامة الجبرية حتى يوم 15/11 أي بعد انتهاء موعد احياء الذكرى. لم تحمل الرسائل معان ولا أهداف سياسية واضحة, ولكنها وجدت في "داعش"ع نوانا وهميا, سرعان ما أعلنت الاخيرة نفيها الضلوع بما حدث. 
المحللون الصحفيون وتحقيقات الشرطة ذهبت – كالعادة - الى البحث عن المستفيد لتحديد ملامح المجرمين وأهدافهم. اذا تركنا المستفيد وبحثنا عن المتضرر سنجد أنه الوطن والمواطن والمصالحة المترنحة بين التنظيمين الكبيرين على الساحة الفلسطينية. وتحديدا حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية, وقد يمتد الضرر الى خطط اعادة اعمار ما دمره الاحتلال. ومعهم, وربما قبلهم, سيكون المتضرر ايضا سمعة الأجهزة الأمنية  التابعة لحركة حماس. 
في بيوت المستهدفين هناك من رأى, وفي رؤيته الكثير من الوجاهة, أن مجموعات من عسكريي حماس لم يتقبلوا موافقة قيادتهم السياسية على إقامة المهرجان, فأخذوا على عاتقهم افشاله وإحراج قادتهم.
 أيا ما كان الأمر, هناك من يتحمل مسؤلية معنوية عما حدث هم اؤلئك الذين يقفون خلف المايكرفونات في المحطات الفضائية والاذاعات التابعة لحماس, الكارهون للمصالحة والوحدة الوطنية, واؤلئك السياسيون والخطباء الذين تتطاير من افواههم الاتهامات والتحريض المجاني على حركة فتح وعلى السلطة ورئيسها, دون وعي أن احترام مقام الرئاسة جزء من احترام الدولة والوطن. 
ليس المهم ما حدث لأننا عرفناه، لكن الأهم كيف نحاصره ونمنع تكراره: 
اولا: بوقف التصريحات والاتهامات العشوائية من القادة السياسيين. 
ثانيا: بوقف التحريض الإعلامي على الآخر الفلسطيني. 
ثالثا: ليعلم كل إمام وخطيب مسجد أنه عندما يعتلي منبرا له منا كل التبجيل, وحينما يؤم المصلين له منا كل التكريم وحتى حين يسير في الاسواق له منا كل الاحترام, لكن حين  يتقمص دور السياسي ويطلق التصريحات شرقا وغربا فان عليه أن يتقبل منا الانتقاد, وإذ يخاطب المصلين ارتجالا وفق رؤاه الحزبية الضيقة لسوف تتطاير من فمه كلمات ليست في مكانها, فان عليه أن يتقبل من الجمهور ما لا يرضيه, لانه اذ ذاك يفقد هيبة العالم الجليل. لكن الخطر أن يؤخذ كلامه عند اتباعه مرتبة المقدس, فتكون الطامة الكبرى.
على أي حال, فان حركة حماس مطالبة باثبات حسن نواياها تجاه حركة فتح بالكشف عن الجناة وتأمين سلامة المواطنيين في المهرجان اذا تقرر اقامته رغم ما حدث مثلما أن حركة فتح وانصارها مدعوون لاثبات قدرتهم على التحدي ومواجهة الارهاب بالزحف المليوني نحو الكتيبة, واحياء ذكرى الرئيس الشهيد. 97

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد