العفو الدولية: إسرائيل استهدفت منازل مكتظة بغزة خلال الحرب

غزة / سوا/ أكدت منظمة العفو الدولية أن إسرائيل قتلت العشرات من المدنيين الفلسطينيين في هجمات استهدفت منازل مليئة بالعائلات، وهو ما شكل جرائم حرب في "بعض الحالات"، وذلك خلال معرض تقرير جديد لها بشأن العدوان الأخير في قطاع غزة،

ويورد التقرير المعنون "عائلات تحت الأنقاض: الهجمات الإسرائيلية على المنازل المأهولة" تفاصيل 8 حالات قامت خلالها القوات الإسرائيلية بالهجوم دون سابق إنذار على منازل سكنية تقيم بها عائلات في قطاع غزة أثناء عملية "الجرف الصامد" في تموز (يوليو) وآب (أغسطس).

كما يكشف التقرير النقاب عن نمط يتخلل الهجمات الإسرائيلية المتكررة، ويشهد استخدام قنابل ضخمة تُسقط من الجو من أجل تسوية منازل المدنيين بالأرض، متسببة بمقتل أفراد عائلات بأكملها أحيانا.

وفي معرض تعليقه، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة فيليب لوثر: "لقد ضربت القوات الإسرائيلية قوانين الحرب بعرض الحائط من خلال قيامها بشن سلسلة من الهجمات التي استهدفت منازل المدنيين، مُظهرةً بذلك لامبالاتها القاسية تجاه المذبحة التي سببتها تلك الهجمات".

وأضاف لوثر قائلا: "يكشف التقرير نمطا من الهجمات تقوم القوات الإسرائيلية بموجبه باستهداف منازل المدنيين بما يبرهن على استخفافها الصادم بأرواح المدنيين الفلسطينيين الذين لم توجه إليهم أي تحذيرات مسبقة، الأمر الذي حرمهم أي فرصة للفرار من تلك الهجمات".

ويتضمن التقرير عددا من إفادات الناجين الذين وصفوا فيها أهوال قيامهم بالحفر بشكل محموم بين أنقاض منازلهم المدمرة وحطامها بحثاً عن جثث أطفالهم وأحبتهم.

وفي عدد من الحالات التي يوثقها التقرير، تمكنت منظمة العفو الدولية من تحديد هوية بعض الأهداف العسكرية لتلك الهجمات. ومع ذلك، فقد كان حجم الدمار في الأعيان المدنية والخسائر في أرواح المدنيين غير متناسب البتة مع الأفضلية العسكرية المرجوة من تلك الهجمات.

وأضاف فيليب لوثر قائلا: "حتى لو كان أحد المقاتلين متواجدا في أحد تلك المنازل السكنية، فلا يعفي ذلك إسرائيل من واجبها المتمثل بضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة الرامية إلى حماية أرواح المدنيين العالقين وسط القتال. وإن الهجمات غير المتناسبة والمتكررة ضد المنازل لتشير إلى أن الأساليب العسكرية التي تعتمدها إسرائيل حاليا هي أساليب معيبة وتتناقض في جوهرها مع مبادئ القانون الإنساني الدولي".

ووقعت أكبر حصيلة للشهداء على هامش هجوم واحد من بين سلسلة الهجمات التي وثقها التقرير حينما قُتل 36 شخصا من أربع عائلات، بينهم 18 طفلا جراء ضرب بناية الدالي المكونة من ثلاثة طوابق.

ويضيف التقرير أن المسؤولين الإسرائيليين تقاعسوا عن إعطاء أي تبرير منطقي لشن تلك الهجمات. وعلى صعيد بعض الحالات الواردة في هذا التقرير، فلم تتمكن من تحديد هدف عسكري محتمل من الهجوم. ويظهر على صعيد هذه الحالات أن الهجمات قد شنت مباشرة وعمدا ضد مدنيين أو أعيان مدنية، وهو ما من شأنه أن يشكل جريمة حرب في حال ثبوته.

وبالنسبة لجميع الحالات التي أجرت بحوثا بشأنها، لم يصدر تحذير مسبق لسكان المنازل التي تعرضت للهجوم. ولو صدر مثل ذلك التحذير لهم، لكان بالإمكان تفادي هذا العدد الكبير من الخسائر في الأرواح.

وقال لوثر: "إنه لأمر مأساوي أن يدرك المرء أنه كان بالإمكان تفادي فقدان هؤلاء المدنيين. ويقع العبء على المسؤولين الإسرائيليين كي يوضحوا سبب قيامهم بتسوية منازل بالأرض على رؤوس من فيها من المدنيين في الوقت الذي يترتيب فيه على أولئك المسؤولين واجب تقليص حجم الأذى الذي يلحق بالمدنيين وانتقاء الوسيلة التي تكفل القيام بذلك".

كما يبرز التقرير التبعات الكارثية للهجمات التي تشنها إسرائيل على المنازل الآهلة بالسكان، حيث تحطمت حياة عائلات بأسرها جراء ذلك. وكانت بعض المنازل التي تمت مهاجمتها تغص بالأقارب الذين فروا إليها من مناطق أخرى داخل قطاع غزة طلبا للسلامة.

ووصف الناجون من الهجوم الذي استهدف منزل عائلة الحلاق المشاهد المروعة لأشلاء أقاربهم وقد تناثرت بين الركام والفوضى التي أعقبت استهداف المنزل بثلاثة صواريخ.

ووصف الطبيب خالد عبد حسن عمار الذي يعمل مع المجلس الطبي الفلسطيني، ويقيم في البناية المستهدفة ما حصل قائلا: "لقد كان أمرا مرعبا؛ ولم نتمكن من إنقاذ أحد.... واحترق جميع الأطفال ولم أعد قادرا على التعرف على أطفالي من بينهم وأيهم كانوا أطفال الجيران.. وقمنا بحمل من كنا قادرين على حمله منهم إلى سيارة الإسعاف.. ولم أتمكن من التعرف إلا على جثة إبراهيم أكبر أطفالي، وذلك عندما رأيت الحذاء الذي كان يرتديه. فلقد اشتريت ذلك الحذاء له قبل يومين من وقوع الهجوم".

وأما أحد الجيران أيمن هنية، فلقد وصف صدمة محاولة العثور على ناجين بين الأنقاض قائلا: "كل ما أستطيع تذكره هو الأشلاء والقطع الصغيرة من الجثث التي شاهدتها، من أسنان ورؤوس وأذرع وأحشاء، وقد تبعثرت كلها وتناثرت في المكان".

ووصفت إحدى الناجيات من ذات الهجوم كيف قامت بمعانقة كيس يحوي بقايا "أشلاء" جثة ابنها.

ويتابع التقرير أن "إسرائيل تقاعست حتى الآن عن مجرد الاعتراف بمسؤوليتها عن تلك الهجمات التي ترد تفاصيلها في التقرير الحالي، ولم تقم بالرد على طلبنا الحصول على إيضاحات بشأن السبب الذي حملها على شن تلك الهجمات في المقام الأول".
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد