الفلسطينيون يتساءلون.. هل ستصل أموال الإعمار إلى قطاع غزة؟

228-TRIAL- غزة / خاص سوا/ تعهد المانحون المشاركون في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة الذي عقد في القاهرة أمس الأحد، بتقديم ما يقرب الـ 5.4 مليار دولار للشعب الفلسطيني، نصفها سيذهب لإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرت الحرب الإسرائيلية بنيته التحتية، بالإضافة إلى عشرات آلاف المنازل.
دعم مالي كبير
ودعا وزير الخارجية النرويجي بورغ برينده إلى الاسراع بإعادة الإعمار في غزة بشكل عاجل، لافتاً إلى أن نصف المبلغ الذي تعهد به المانحون (5.4 مليار دولار) سيوجه لإعادة الإعمار.
وأضاف برينده أن المساعدات المقدمة إلى غزة ستصنف حسب الأولوية، مؤكدا أن حل الدولتين وتحقيق السلام هو الحل الجذري الوحيد، مبيناً أن مؤتمر إعادة إعمار غزة هو خطوة عالمية مهمة لدعم شعب غزة، وسيدعم تحرك المفاوضات الثنائية إلى الأمام، مشددا على ضرورة تمكين الفلسطينيين من ربط الضفة الغربية بقطاع غزة والسماح بدخول مواد الإغاثة والبناء لإعادة الإعمار.
وأوضح أن هناك مبادئ مختلفة، الأول هو الإنسان فهناك 80 ألف منزل تم تدميرها، و"بالطبع نحتاج لتقديم الدعم لمساعدة أطفال غزة، مضيفاً "لن ننسى ما حدث في غزة ولن ننسى رؤية الدولتين، وهناك دفعة سياسية قوية للضغط على الأطراف للعودة للمفاوضات وهذه رسالة قوية لإسرائيل لكي يعودوا للمفاوضات وألا يكون هناك مستوطنات جديدة".
لا مواعيد لصرف الأموال
بدوره، قال محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء إنه يتوجب على الجهود الدولية أن تستمر حتى إقامة الدولة الفلسطينية، معربا عن شكره للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وللحكومة المصرية، ووزير الخارجية على هذا الدعم، وكذلك لحكومة النرويج.
وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تعمل على ضمان تجاوز كل المعوقات أمام إعادة إعمار قطاع غزة، وأنها تعمل على بلورة جدول زمني لاستقبال الأموال، مشيراً إلى أن الجهات المانحة لم تحدد مواعيد ثابتة لصرف الأموال.
وقال مصطفى إن الدولة الفلسطينية مستمرة في التوجه إلى الأمم المتحدة للاتفاق على سقف لقيام دولة فلسطينية مستقلة حتى نضمن ألا يكون هناك حرب مرة أخرى سواء في القطاع أو خارجه.
وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت عن رغبتها في الحصول على نحو 4 مليارات دولار أمريكي من المؤتمر كمساعدات لإعمار قطاع غزة، الذي شن الجيش الإسرائيلي حرباً عليه في السابع من شهر يوليو الماضي  دامت 51 يوما، وخلفت دماراً مادياً واسعاً، فضلا عن أكثر من ألفي شهيد فلسطيني.
وشارك في المؤتمر، الذي استمر ليوم واحد وافتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفود من 50 دولة، بينهم 30 وزير خارجية ومؤسسات إقليمية ودولية، بحسب وزارة الخارجية المصرية.
أموال الإعمار ستحتاج عقود لتصل
وفي ذات السياق، قالت منظمة "أوكسفام انترناشيونال" إن الجزء الأكبر من الأموال التي يتعهد بها المشاركون في مؤتمر المانحين الدولي لإعادة إعمار غزة بالقاهرة سيظل في حسابات مصرفية لعدة عقود قبل أن يصل إلى الناس ما لم يجر رفع القيود الإسرائيلية المفروضة منذ فترة طويلة على الواردات.
وأضافت "أوكسفام" في تقرير حصلت وكالة (سوا) على نسخة عنه، أمس الأحد أنه في ظل القيود الحالية وأسعار الواردات، فإن الأمر قد يستغرق أكثر من 50 عاما لبناء 89 ألف منزل جديد و226 مدرسة جديدة، ومرافق صحية والبنية التحتية للمصانع والمياه والصرف الصحي التي يحتاجها الناس في غزة.
وقالت كاثرين إيسويان المديرة الإقليمية لأوكسفام "ما لم يعزز المانحون الضغط لإنهاء الحصار، فإن الأطفال الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الصراع الأخير سيكونون في عمر الأجداد عندما يجري إعادة بناء منازلهم ومدارسهم".
وشدد التقرير الذي حصلت وكالة (سوا) على نسخة منه أن وكالات الإغاثة تقدم المساعدة الطارئة الضرورية لسكان قطاع غزة، ولكن إعادة الإعمار والتنمية على المدى الطويل تتطلب الكثير من المال.
تعهدات بلا معنى
وأضاف "هذه التعهدات ستكون بلا معنى ما لم يضمن أيضا المانحين تسليم المساعدات بالفعل. فصل الشتاء قادم والناس بدون المنازل لا يستطيعون الانتظار".  
وذكر التقرير أنه في ظل الحصار المستمر، تفرض الحكومة الاسرائيلية قيودا شديدة على البضائع القادمة من وإلى غزة، بما في ذلك المواد اللازمة لإعادة الإعمار.
وأشار التقرير إلى أن المقترحات الحالية لتخفيف القيود قليلا بدلا من رفعها، من المحتمل أن تكون قطرة في محيط مقارنة مع الحجم الهائل من الحاجة بعد 51 يوما من الدمار غير المسبوق، مضيفةً إن الالتزامات السابقة بالسماح بدخول مواد البناء إلى غزة لم تنجح أن تتحقق بالكامل.
وقال "قبل خمس سنوات تجمع المانحون في مصر، تماما كما يفعلون الآن، للتعهد بمليارات الدولارات لإعادة اعمار غزة بعد حرب عام 2009.  وبعد خمس سنوات لاحقة، لا يزال أكثر من نصف المنازل المدمرة كما هي بسبب القيود. في الوقت الراهن، الحاجة أكبر والرهانات أعلى من أي وقت مضى".
وتذرعت بعض الجهات المانحة بعدم وجود حكومة توافق وطني كمبرر لعدم الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها في مؤتمر المانحين الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية عام 2009 عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في عام 2008، وهو ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى التأكيد في كلمته اليوم أمام مؤتمر إعادة إعمار غزة على أهمية حكومة التوافق الوطني.
هنية يطالب بالإيفاء بالمساعدات
كما وطالب بيان صادر عن إسماعيل هنية ، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس صباح الأحد المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته تجاه القطاع والوفاء بما يتعهد بتقديمه من أموال.
وقال هنية إن الأموال التي رصدت خلال المؤتمرين السابقين لإعمار غزة (بعد حربي 2008 و2011) لم يصل منها أي شيء إلى القطاع، وهو ما يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته".
ورصد مؤتمر إعادة الإعمار الماضي الذي عقد في شرم الشيخ المصرية عقب حرب 2008-2009 على غزة، مبلغ 5.4 مليار دولار، ولكن الدول المانحة التي شاركت فيه لم تلتزم بتقديم غالبية المبالغ التي وعدت بها خلال المؤتمر، مبررة ذلك بعدم وجود حكومة موحدة تمنح لها الأموال.
التطبيق هو الأهم
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي "معين رجب" أن المبالغ المالية التي جمعت في المؤتمر جيدة مقارنةً مع ما كان يطلبه الفلسطينيون، مشيراً إلى أن الأهم هو تطبيق القرارات على أرض الواقع في ايفاء تلك الدول بما التزمت به خلال المؤتمر.
وبين رجب في تصريحات لـ (سوا) أن الأهم من كل ذلك هو الزام اسرائيل برفع الحصار و فتح المعابر، موضحاً أنه في حال رفضت إسرائيل ذلك فان أموال الإعمار سيكون مصيرها كمصير أموال الاعمار السابقة.
وتوقع رجب أن تعمل اسرائيل على تقديم تسهيلات على المعابر خاصة في قضية مواد الاعمار كونها المستفيد من ذلك، فمصانعها ستعمل وستصدر إلى قطاع غزة وستعوض بعض الخسائر خلال الحرب، مضيفاً "في النهاية إسرائيل تريد أن تبقي السوق الفلسطيني تبع لها وليس لطرف آخر".
ورأى الخبير الاقتصادي أن الحل المتبقي أمام الفلسطينيين في حال تعنت اسرائيل في رفضها فتح المعابر بشكل يسمح بسير عجلة الاعمار هو البوابة المصرية التي لن تترك الفلسطينيين في وضعهم الحالي دون اعمار.
وتبقى الأيام المقبلة تحمل بين طياتها الجواب عن التساؤلات والتخوفات التي تطرح في هل ستصل أموال الإعمار إلى مستحقيها أم أن العقبات والذرائع ستخلق لعدم وصولها. 176
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد