أعياد النازحين.. "فرحة" دفنها ركام منازلهم المدمرة

130-TRIAL- غزة / صبا الجعفراوي/ سوا/ استقبلت عائلة العالول في خيمتهم المتواضعة أمام ركام منزلهم المهنئين بعيد الأضحى المبارك، على غير عادتهم في الأعياد السابقة عندما كان يعج منزلهم بالأقارب والأصدقاء، فآلة الحرب الإسرائيلية حرمتهم من فرحة العيد بعد أن دُمر منزلهم في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وغابت مظاهر العيد عن السيدة خديجة العالول، كتحضير الكعك مع جاراتها ليلة العيد والمأكولات الفلسطينية التقليدية، وقالت في حديث لـ"سوا"، اعتدت في كل عام أن أجتمع مع جاراتي ونحضر ونخبز الكعك سويا، ولكن الحرب فرقتنا فدُمر بيتي وبيوت جيراني ونزحوا في أماكن بعيدة ولم نستطيع التجمع كعادتنا.
وتضيف الأربعينية والغصة تملأ قلبها عيدنا هذا يختلف عن أعيادنا السابقة، فلم يعد هناك بيت يجمعني وأولادي ، وبقيت ذكرياتنا الجميلة في أعيادنا السابقة محفورة في أذهاننا، لقد فقدت بهجة العيد أنا وعائلتي مع فقدان منزلنا.
فقدان المنزل لم يمنع العالول من شراء حلو العيد وحاجيات بسيطة لتُفرح بها أحفادها رغم حزنها الشديد الذي تناثر على ركام منزلها المدمر، وسط تأخر دخول مواد البناء المخصصة لإعادة إعمار غزة.
وطالبت العالول المسئولين بالإسراع في إعادة الاعمار، خاصة أن فصل الشتاء على الأبواب وسيأتي عليهم وعلى عائلات كثيرة وهم دون مأوى.
وانتهج جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة تدمير المنازل في عدوانه الأخير على قطاع غزة، حيث تم تدمير ما يقارب 16 ألف منزلاً منهم نحو 2.353 منزلا دمروا بشكل كامل، ونحو 13.644 منزلا دمروا بشكل جزئي.
أما المواطن علاء الشمالي فاصطحب أطفاله الثلاثة في نزهة للترفيه عنهم ولإدخال الفرحة إلى قلبهم بعد أن فقدوا منزلهم وألعابهم إثر تدميره في حي الشجاعية شرق غزة.
وبحزن قال الشمالي -28 عاما-  لـ"سوا" من الصعب المقارنة بين العيد هذا وعيدنا في منزلنا، ولأول مرة يأتي ونحن نازحون رغم وجودنا في شقة بالإيجار، فلم نشعر ببهجته لأننا نفتقد الكثير من أجواءه وكسوة الأطفال وشراء الحاجيات والابتسامات التي لا يعوضها شيء.
ويستذكر العشريني تفاصيل العيد حيث كانت عائلته تجتمع بعد أداء صلاة العيد في العراء، ويجتمع أطفاله مع أقاربهم ويلهون سوياً، ويأكلون الكعك والحلوى، ولكن العدوان الأخير حرمهم من تلك الأجواء العائلية الجميلة بعد أن نزحوا كلاً في منطقة مختلفة. 
ويحاول الشمالي أن لا يجعل أطفاله يشعرون باختلاف هذا العيد عليهم، خاصة أنهم يفتقدون أجواءه التي اعتادوا عليها باللهو مع أصدقائهم وجيرانهم بالقرب من منزلهم، الذي يتساءلون دوما عن موعد الرجوع إليه وإلى ألعابهم التي يحبونها.
وحول التأخير بإعمار قطاع غزة، فحمَّل الشمالي كل المسؤولين وخصوصاً الحكومة مسألة التأخير بالاعمار فهي من أخذت على عاتقها إعادة بناء ما دمره الاحتلال في العدوان، مطالباً إياها الوقوف فوراً مع مواطنيها وتأدية واجبها الوطني طبقاً لليمين الذي أقسموا به حين توليهم مناصبهم. 
وأعلنت جمهورية مصر العربية في وقت سابق، أنها ستستضيف يوم 12 من الشهر الجاري بمشاركة الحكومة النرويجية وبحضور الرئيس محمود عباس ، مؤتمرًا دولياً حول فلسطين تحت عنوان: مؤتمر القاهرة الدولي حول فلسطين "إعادة إعمار غزة"، الذي يأتي في ضوء ما تم من تثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في أغسطس الماضي.
وعلى صعيد محادثات إعادة الاعمار أتهم الصحفي محمد أسعد المسؤولين بالتقصير الواضح بهذا الجانب، فلم يتم حتى الآن إزالة ركام المنازل المدمرة وإدخال المعدات اللازمة لإزالته حتى ينتشل الناس مستلزماتهم وحاجياتهم المهمة من تحت الركام، وتهيئة المناطق  للبناء ثانية.
أما عن عيده الأول بعيدا عن منزله الذي تدمر وجيرانه الذين يفتقدهم، قال الصحفي لـ"سوا" إن هذا العيد يأتي دون أن ترسم معالم الفرح فلقد جاء بعد حرب وقتل وتدمير، فلا يوجد بيت بغزة إلا وأصابه شيء من الضرر سواء مادياً أو معنوياً.
ويضيف الثلاثيني "حتى ابنتي الصغيرة حزينة وتشعر بأن شيئا ما ينقصها في هذا العيد، فهي تفتقد كثيراً لمنزلها ولألعابها ولجيرانها التي اعتادت أن تلعب مع أطفالهم في كل عيد، والآن كلنا مشتتين في مناطق مختلفة وفقدنا جمعتنا وبهجة العيد التي رحلت عنا هذا العام مع رحيل الشهداء من الأصدقاء والأقارب".
وعلى الرغم من آلام وجراح المواطنين في قطاع غزة، إلا أنهم أحيوا عيد الأضحى من وسط ركام المنازل المدمرة، ونصبت المراجيح والألعاب في شوارع المدينة حتى يلهو الأطفال ويلعبون، أملا في نسيان أيامهم الصعبة التي عاشوها خلال العدوان الأخير الذي استمر لأكثر من خمسين يوما.  
196
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد